سورة آل عمران - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{إنَّ مثل عيسى...} الآية. نزلت في وفد نجران حين قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ولداً من غير ذَكَرٍ؟ فاحتجَّ الله تعالى عليهم بآدم عليه السَّلام، أَيْ: إنَّ قياس خلق عيسى عليه السَّلام من غير ذَكَرٍ كقياس خلق آدم عليه السَّلام، بل الشَّأنُ فيه أعجب؛ لأنَّه خُلق من غير ذكر ولا أنثى، وقوله: {عند الله} أَيْ: في الإنشاء والخلق، وتَمَّ الكلام عند قوله: {كمثل آدم} ثمَّ استأنف خبراً آخر من قصَّة آدم عليه السَّلام، فقال: {خلقه من تراب} أَيْ: قالباً من تراب {ثم قال له كن} بشراً {فيكون} بمعنى فكان.
{الحقُّ من ربِّك} أَي: الذي أَنْبَأْتُكَ من خبر عيسى الحقُّ من ربِّك {فلا تكن من الممترين} أَيْ: من الشَّاكِّين. الخطاب للنبيِّ عليه السَّلام، والمرادُ به نهيُ غيره عن الشَّكِّ.


{فمن حاجَّك} خاصمك {فيه} في عيسى {من بعد ما جاءَك من العلم} بأنَّ عيسى عبد الله ورسوله {فقل تعالوا} هلمُّوا {ندع أبناءَنا وأبناءَكم} «لمَّا احتجَّ الله تعالى على النَّصارى من طريق القياس بقوله: {إنّ مثل عيسى عند الله...} الآية أمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يحتجَّ عليهم من طريق الإِعجاز، فلمَّا نزلت هذه الآية دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران إلى المباهلة، وهي الدُّعاء على الظَّالم من الفريقين، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين وعليٌّ وفاطمة عليهم السَّلام وهو يقول لهم: إذا أنا دعوتُ فأمِّنوا»، فذلك قوله: {ندع أبناءَنا...} الآية. وقوله: {وأنفسنا وأنفسكم} يعني: بني العمِّ {ثمَّ نبتهل} نتضرع في الدُّعاء وقيل: ندعو بالبَهلةَ، وهي اللَّعنة، فندعوا الله باللَّعنةِ على الكاذبين، فلم تُجبه النَّصارى إلى المباهلة خوفاً من اللَّعنه، وقَبِلوا الجزية.
{إنَّ هذا} الذين أوحيناه إليك {لهو القصص الحق} الخبر الصِّدق.
{فإن تولوا} أعرضوا عمَّا أتيت به من البيان {فإنَّ الله} يعلمُ مَنْ يفسد من خلقه فيجازيه على ذلك.
{قل يا أهل الكتاب} يعني: يهود المدينة، ونصارى نجران {تعالوا إلى كلمة سواءٍ} معنى الكلمة: كلامٌ فيه شرحُ قصَّةٍ {سواءٍ} عدلٍ {بيننا وبينكم} ثمَّ فسرَّ الكلمة فقال: {ألاَّ نعبدَ إلاَّ الله ولا نشرك به شيئاً} أَيْ: لا نعبد معه غيره {ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله} كما اتَّخذت النَّصارى عيسى، وبنو إسرائيل عُزيراً. وقيل: لا نطيع أحداً في معصية الله، كما قال الله في صفتهم لمَّا أطاعوا في معصيته علماءهم: {اتخذوا أحبارهم...} الآية. {فإن تولوا} أعرضوا عن الإِجابة {فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} مُقِرِّون بالتَّوحيد.


{يا أهل الكتاب لمَ تحاجون في إبراهيم} نزلت لمَّا تنازعت اليهود والنَّصارى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبراهيم عليه السَّلام، فقالت اليهود: ما كان إبراهيم إلاَّ يهوديَّاً، وقالت النَّصارى: ما كان إلاَّ نصرانيَّاً، وقوله: {وما أنزلت التوراة والإِنجيل إلاَّ من بعده} أَيْ: إِنَّ اليهوديَّة والنَّصرانيَّة حدثتا بعد نزول الكتابين، وإنَّما نزلا بعد موته بزمانٍ طويلٍ. {أفلا تعقلون} فساد هذه الدَّعوى.
{ها أنتم} أَيْ: أنتم {هؤلاء} أًيْ: يا هؤلاء {حاججتم} جادلتم وخاصمتم {فيما لكم به علم} يعني: ما وجدوه في كتبهم وأُنزل عليهم بيانه وقصَّته {فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} من شأن إبراهيم عليه السَّلام، وليس في كتابكم أنَّه يهوديَّاً أو نصرانيَّاً {والله يعلمُ} شأن إبراهيم {وأنتم لا تعلمون} ثمَّ بيَّن حاله فقال: {ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً...} الآية، ثمَّ جعل المسلمين أحقَّ النَّاس به، فقال: {إنَّ أولى الناس بإبراهيم} أَيْ: أقربهم إليه وأحقَّهم به {للذين اتبعوه} على دينه وملَّته {وهذا النبيُّ} محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم {والذين آمنوا} أَيْ: فهم الذين ينبغي أن يقولوا: إنَّا على دين إبراهيم عليه السَّلام.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8